إعتراف الشّيطان تحت التّقسيم للقدّيس يوحنا مريم فيانّيه -خوري آرس- (شفيع الكهنة) !

هذه المحاورة التي جرت بين القديس جان-ماري ﭬيانيه (المعروف بـ”خوري آرس” (1786 –  1859) ورجلٌ به مسٌ شيطانيّ، في 23 كانون الأوّل 1840، في معبد القدّيس يوحنا المعمدان، في كنيسة مدينة “آرس”، وأمام ثمانية شهود أثبتوها بالقَسم.


الشيطان -بشخص الممسوس-: أنا لا أموت.

الخوري: هل أنت الوحيد الذي لا يموت؟

الشيطان: أنا لم أفعل سوى خطيئة واحدة في حياتي، وأريد أن أُشرِك كلّ من يريد في هذه الثّمرة اللّذيذة. هيّا ارفع يَدك وحِلّني. فإنّك ترفعها أحيانًا من أجلي. (يريد أن يطرده من النّفس بالتّقسيم، كي يتهرّب من الإقرار بالحقيقة)

خ: (باللّغة اللاتينية) أنتَ ! من أنت؟

ش: أنا المعلّم الأكبر (بالفرنسيّة وبِلهجة شيطانيّة)، أيّها العلجوم (الضفدع السامّ) الأسود الشنيع، لماذا تعذّبني؟ نحن نتحارب دائمًا، وسنرى من سيغلب الآخر. لكنّك مهما صنعتَ،  يعود إليَّ أحيانًا قسمٌ من أتعابِكَ: أنتَ تظنّ أنّ جميع الناس يَستفيدون من تَعبك، والحال أنّهم ليسوا دائمًا كذلك… لماذا تفحص ضمير المُعترِفين عندكَ؟ لماذا كلّ هذا التدقيق؟ ألا يكفي الفَحص الذي أنا أُلقّنهم إيّاه؟

خ: أأنت تفحص ضمير المُعترفين لديّ؟ إنّهم يلتجئون إلى الله، قبل أن يفحصوا ضميرهم والتقدّم من سرّ الإعتراف.

ش: نعم. إنّهم يلتجئون إلى الله بِحسب فمِهم، أمّا قلبهم فبعيدٌ عنه. أقول لك أنّني أنا أفحص لهم ضَميرهم. فأنا لا أغيبُ عن كنيستك كما تظنّ. نعم. إنّ ظلّي بعيدٌ وأمّا روحي فحاضرةٌ … أنا أفرح بالتحدّث في الكنيسة … إِعلَم أنّ ليس كلّ الذين يدخلون هذا المكان يخلُصون. أنتَ بخيل …

خ: كيف تقول إنّي بخيل ولا أملكُ إلاّ القليل، حتى هذا القليل فهو لا يبقى لي، بل أُعطيه بطِيبة نفس؟

ش: أنا لا أعني هذا البخل (الماديّ) بل بُخلاً آخر. أنتَ بخيل بالنفوس. أنتَ تخطِف مِن يدي مَا تستطيع من النفوس. لكنّي أجتهدُ لإرجاعها إليّ. أنت كذّاب. إنّك تقول منذ زمنٍ بعيدٍ أنّك تريد الذهاب، ولا تزال هنا. ماذا تفعل في هذا المكان؟ أنظر عدد الكهنة الذين يذهبون ليستريحوا. لمَ لا تفعل مثلهم؟ كفاك تعبًا وكدًّا. كنت تريد الذهاب إلى ليون (كان الأب ﭬيانّيه يريد الذهاب إلى سيّدة فورفيار) فهناك تبقى بخيلاً كما كنت هنا. لطالما أردتَ أن تختلي في البريّة، فلماذا لا تذهب؟

خ: هل عندك شيئًا ما تقوله لي؟

ش: لقد جعلتكَ تضطرب الأحد الماضي وقت القدّاس. ألا تذكُر ؟ (وكان قد تحدّث يوحنّا مريم عن ذلك) ماذا كتب إليك “ثوبك البنفسجي”؟ (أي المطران دافي، أسقف “بالاي”) لكنّني سعيت كلّ جهدي لأنسيه أمرًا جوهريًّا. الأمر الذي يشقُّ عليه جدًّا.

خ: هل سيدعني المطران أذهب ؟


ش: هو يحبّك … ولولا هذه … (هنا لفظ الشيطان كلمة إهانة فظيعة ضدّ العذراء مريم الفائقة القداسة) لصرتَ بعيدًا الآن. أمّا نحن (الشياطين) فقد أفرغنا كلّ جُهدنا في تشويه صورتك عند “الثوب البنفسجي” . وذهب تعبنا سدًى، بسبب هذه… (وهنا أيضًا جدَّف – خزاه الله- على مريم العذراء) … إنّ “ثوبك البنفسجي” هو بخيلٌ مِثلك. وهو يُعذّبني كما تُعذّبني أنتَ. ومع ذلك فإنّنا أَنسيناه خَللاً سائدًا على الأبرشية … فهلمّ وارفع يدك فوق رأسي كما تفعل للكثيرين الآتين إليك كلّ يوم. فإن كنت تظن إنّك تردّهم إلى الله كلّهم فأنت في ضلال. إنّ توبتهم تكون مؤقّتة. ولكنّي بعد ذلك بقليل أُرجعهم عن مقاصدهم وعن حرارة عبادتهم. فاعلم أنّ في كتابي بعض أسماء أبناء رعيّتك.

خ: فما قولك في الكاهن الفلاني (وهو كاهن ذو فضيلة راهِنة)

ش: (بغضب مفرط) لا أحبّه !

خ: وفي فلان؟

ش: هذا يرضيني. فهو يترُكني أفعل ما أشاء. يوجد “ضفادع سوداء” (كهنة) سامّة مثلك لا يعذّبونني كما تعذّبني أنت. فأنا أخدمُ لهم القدّاس، وهم يقدّسون من أجلي… (يقصد قلّة الإحترام خلال القداس، وإهانة وتدنيس القربان الأقدس، كلّ ذلك عمل الشيطان)

خ: وهل تخدمُ قدّاسي أيضًا ؟

ش : أنت تزعجني وتصرعني … آه لو كانت هذه ..(هنا جدّف الشيطان أيضًا على مريم البتول) لا تُحامي عنك، لكن صبرًا …إنّنا أوقعنا مَن كان أقوى منك، وأنتَ لم تمت بعد… فلماذا تنهضُ باكرًا مِن الفراش؟ ألا تعلمُ أنّك تخالف أمر “الثوب البنفسجيّ” الذي حتّم عليك الإهتمام بجسدك؟ … ولماذا تعظ ببساطة؟ ألا تعلم أنّ الجميع يقولون عنكَ جاهلٌ، ولا تعرف شيئًا؟ لماذا لا تعِظ كما يعظون في المدن؟ … آه كم أُسِرُّ بهذه المواعظ الرنّانة التي لا تُزعِجُ أحدًا، بل تدعُ كلاًّ يَعيش على هواه، فيفعلوا ما يشاء ! نعم، هناك من ينام بين الذين يَسمعون إرشاداتك، ولكن يوجد أيضًا مَن يؤثّر فيهم كلامك السّاذج تأثيرًا بليغًا!!

خ: وما قولك في الرقص ؟

ش : إنّي أحيط بالراقصين كما يحيط السّياج بالبستان !

ومرّة أخرى جاءته امرأةٌ بها شيطان فقالت له :
أنت تعذّبني. فلو كان هنالك ثلاثة مثلكَ آخرون على الأرض لخَرِبَتْ مملكتي … لقد خطفت من يدي ٨٠،٠٠٠ نفس”.


لمّا سمع الأبّ ﭬياناي هذا الكلام رفع قلبه وعقله إلى الله قائلاّ: “لا لنا يا ربّ لا لنا، لكن لاسمك أعطِ المجد.
مز113-1″ وشَكر أمّه السماويّة القادرة على كلّ شيء بابنها الإلهيّ، هازئًا بالجحيم وقوّاته.
نعم كان يستطيع أن يهزأ بقوّات الجحيم، لأنّها فيما كانت تظهرُ له لتُزعجه وتقلقه، كانت قوّات السماء تظهر له أيضًا لتقوّيه وتشجّعه، كما قال بنفسه يومًا للأخت مرغريتا للقربان الأقدس (التي صارت رئيسة راهبات القربان في أنجيه):
“أريدُ أن أعطيكِ مِسبحة ثمينة جدًّا”.
فقالت له : “وما الذي يجعلها ثمينة بهذا المقدار؟”
“قد لَمستها العذراء القديسة بيدها الطّاهرة .”

                                             تابعونا كل يوم على صفحة 
قلب مريم المتألم الطاهر 

You may also like...

Powered by Calculate Your BMI