القديس فرنسيس دو سال (معلّم الكنيسة) ينتصر على البدعة البروتستانتنيّة بالمحبة والحق

القديس فرنسيس السالسي (أو دو سال)، نسبةً الى قرية Chateau De Sales في فرنسا حيثُ وُلِد … سيم أسقفًا على أبرشية Geneva

مؤسس رهبنة الزيارة للراهبات عام 1610، صاحب الكتب الشهيرة: “مدخل الى حياة التقوى” و”بحثٌ في محبة الله” و”اختلافٌ في الرأي”.

  ولد في 21 آب 1567، وتوفّي في 28 كانون الأول  1622، أُعلن معلّمًا في الكنيسة الكاثوليكية عام 1877، عيده في 24 كانون الثاني.

فساد واضطهاد “بروتستانتني” في مقاطعة “كيابليزه” (فرنسا)؛ فرنسيس مبشّرًا فيها:

1594 – 1598

طُرد كهنة هذه المنطقة التي تتبع لدوقية “سافويا” من “جُنيف” من قِبل أتباع “كالفن” المتمرّد البروتستانتي، مضطهد الكنيسة… وهكذا أصبحت الكنائس من دون رعاة.

لكن في عام 1594 حثّ أسقف “آنّوسي” على إرسال مُبشرين” جُددًا. وُجِّه هذا الاقتراح للإكليروس، لكن أحدًا لم يكن لديه الجرأة للمُخاطرة بحياته والذهاب إلى تلك الأراضي المُتنازع عليها. فقط فرنسيس صرّح بأنّه مستعد للذهاب، وبعد عدّة أيّام قضاها في الصّلاة والتوبة ذهب في تلك المَهمّة التبشيريّة.

في السنة التي سبقتها، وفي مناسبة تولّيه منصب المسؤول العام عن الكاتدرائية وخلال كلمته الإحتفالية قال:
“يتوجّب استعادة المنطقة بأسلحة المحبّة، بالمحبّة يجب غزوه”.

اختار مدينة ثونون الصّغيرة لتكون هدفه الأول، كونها أصبحت بشكل كامل تحت سيطرة أتباع المذهب “الكالفيني” البروتستانتي. فاستقرّ في قلعة أليانج، حيث يقيم البارون هيرمانوس مع مجموعة من الجنود الذين يسهرون على حمايته. هكذا، كان ينزل يوميًّا باتّجاه ثونون بعد القداس الإلهيّ، على الرّغم من المخاطر الجمّة؛ حيث الثلج يشكّل خطورةً على الحياة، كما الذئاب الشّرسة.

تعاليم إلهيّة على الطّرقات والى البيوت

كان يعظ أيّام الآحاد في كنيسة القديس إبوليتوس، لكن في الحقيقة كان المؤمنون قلّة، لأنّ أتباع “كالفن” البروتستناتي أخذوا يهدّدون بمُصادرة أملاك كلّ من كان بذهب ليستمع إلى من أسمَوه “الداعية الباباوي”.
لذا قرر فرنسيس أن يكتب ويطبع عظاته، ليعلّقها في الأماكن العامّة، ويوزّعها تحت أبواب بيوت الكاثوليك والبروتستانت. كانت هذه الوعظات تجمعُ الحقائق الأساسيّة للإيمان الكاثوليكي (الصّليب، والعذراء مريم، والأسرار وبشكل خاص سر الافخارستيّا والاعتراف، الكنيسة والبابا، قراءة الكتاب المقدّس…) والتي جُمِعت عام 1600 بعد موته بكتابٍ  بعنوان Le Controversie (اختلاف في الرأي).
هناك موقفان يميّزان فرنسيس “الصّحفي”: الأوّل هو واجب إخبار القرّاء بالموقف الكاثوليكي، والثاني هو الرّغبة الكبيرة في إظهار حبّه لهم:
“إنكم لن تقرأوا أبدًا أعمالاً كُتبت من أجلكم من قِبل إنسان مُحبّ جدًّا لنفوسكم الطيّبة، كما أنا أحبّكم”. حتى أنّه سيستخدم المسرح من أجل التبشير.

سلاحه المحبّة والحقّ ضد أسلحة القتل

تميّز فرنسيس بالطّيبة واللّطف بالإضافة إلى الصّراحة والصدق، كيسوع المُبشّر.
وعلى الرغم من المناهضة والحصار إلاّ أنّ “السنابل الأولى”أي أولى الاهتداءات قد نمت.
كان يصلّي ويصوم وينام ويقوم بممارسة الإماتة، ومع مرور الوقت خفَّت المُناهضات واعتاد الناس وجوده بينهم. كان له همٌّ واحد: “همّه الوحيد هو اهتداء النفوس الثّائرة إلى نور الحق، الذي يسطع فقط في كنيسة الحقّ؛ الكنيسة الكاثوليكيةّ”.

كان على يقينٍ أنّ الحركة البروتستانتية وُلدت بسبب المثال السيئ لرجال الدين، ففي إحدى الرسائل دلّ على ثلاثة أمور إضافية: “الصلاة والحَسِنة والصّوم، هي الأجزاء الثلاثة التي تشكّل الحبل المتين المجدول، الذي لا يمكن للعدوّ قطعه بسهولة. لنحاول إذًا بواسطة النعمة الإلهية ربط العدوّ بهذا الحَبل”.
كان صارمًا لا يتساهل مع الأخطاء، ومع أولئك الّذين يدافعون عن الحركة البروتستانتية، لكنّه كان طويل الأناة بطريقة غير محدودة تجاه جميع الّذين يعتبرهم ضحايا نظريّات هذه الهرطقة.

قُدِّمت بحقّه شكوى للأسقف بسبب دعوته للبروتستانت “إخوة”، غير أنّه لم يكن يكذب عليهم تحت ستار المحبّة المزيّفة بل كان يبكّتُهم قائلًا:
أيّها الإخوة الضائعون، أيّها الإخوة المتمرّدون، أنتم لا تزالون إخوة.

“أنا أحبّ الوعظ الذي يعتمد على المحبّة أكثر من ذاك الذي يتحدّث عن الاستياء، أو حتى عن أتباع هوجو (أحد قادة الحركة البروتستانتية في فرنسا)، بل يجب التعامل معهم بمحبّة كبيرة، وأن نحزن من أجلهم لأنّهم مُضَلّلون”.
كان يقول: “الحقيقة التي لا تعتمد على المحبّة، تنبع من محبّة غير حقيقية”.

في قضيّة تطويبه كان هناك شهادتان هامّتان عنه:

1 – “رغم أنّ الأمر كان يتعلّق بالبروتستانت الذين كانوا يضطربون خلال النقاشات مُستخدمين فقط الإهانات والسخرية أو الافتراءات، إلاّ أنّه كان يستمع بصبر للمشاكل ومن دون غضب، ومن دون التفوّه بكلمات مهينة. كان يظهر لهم حبًّا كبيرًا، ليقنعهم أنّ غاية واحدة فقط تدفعه لذلك، هي تحقيق مجد الله وخلاص النفوس”.

2 – “لم يكن قط يدفعهم إلى الغضب ولا يشعرهم بالعار والارتباك ، بل كان يردّ عليهم بلطافته المعتادة بطريقة حكيمة هادئة من دون ضغينة وتحقير، وبهذه الطريقة كان يستحوذ على قلوبهم ومحبّتهم”.

التكريس بالصّليب؛ الإنتصار على الهراطقة

إلاّ أنّ المبادرة التي ساهمت وبشكل كبير على تفكيك الحركة البروتستانتية في مقاطعة كيابليزه كانت تلك الاحتفالات الكنسية التكريسيّة التي كانت تقام عند بداية كل فصل من فصول السنة… كان المؤمنون يأتون جماعاتٍ من الكنائس الرعويّة الكثيرة المنتشرة في أودية المقاطعة، واضعين الصّليب على رؤوسهم. هنا كانت تختلط مع المواكب الدينية والوعظات والاعترافات، الأغاني الشعبية والموسيقى ويحدث أيضًا إطلاق نار.
ينتهي “الاحتفال” برفع صليب يبلغ طوله خمسة أمتار.

وبسبب هذا “التحريض” كان الأمر لا يخلو من اعتراض الكالفيين البروتستانت, في العام التالي كانت احتفالية تكريس الفصل الجديد (الخريف) في تلك المناسبة التركيسية عاد إلى الكاثوليكية 2,300 مؤمن، وأغلبهم كان يريد الحصول على بركة العودة من يدي فرنسيس فهم يعرفون جيّدًا كم كان قلبه طيّبًا.
اختتم فرنسيس هذا الاحتفال المهيب بعظة عن القربان المقدس وهو الموضوع الأحبّ إلى قلبه.

لقد تركت تلك الأيّام والأحداث انطباعًا عظيمًا في نفوس الجميع، لأنّها أعطت إشارة نهائية لعودة مقاطعة كيابليزه للإيمان الكاثوليكي.

امتحان الكنيسة وتهنئة من البابا

في نهاية العام توجّب على فرنسيس ترك “مهمّته التبشيريّة” والسفر إلى روما ليبحث في أمور مختلفة تخصّ الأسقفية، وليتقدّم لامتحان التأهّل للرتبة الأسقفيّة مع أحقيّة خلافة أسقفية آنوسي.
عُيّن امتحان المقابلة في 22 آذار عام 1599 بحضور عددٍ كبيرٍ من الكرادلة والأساقفة، من بينهم البارونينو، البورّوميو، البورغيزه، ده ميديتشي، والأب بيلاّرمينو، جميعهم وضعوا فرنسيس تحت عاصفة من الأسئلة الصعبة جدًّا والتي بلغت 35 سؤالاً. أجاب عليها كلّها بكل هدوء ووضوح رائع. في نهاية الامتحان وقف البابا على قدميه حيث كان حاضرًا أيضًا، ونزل عن الكرسي ليعانق فرنسيس قائلاً:
“إنّي أستفيدُ من مَصادر
ك الخاصّة هذه”، حيث قصد هنا مدى الغنى والعمق المعرفي لأسقف المستقبل. بعد عدّة أيّام؛ أي في عيد البشارة 25 آذار، سُمح له بمشاركة البابا بالقداس الاحتفاليّ وخلال القداس “حصل على نعمٍ خاصّةِ من الرّب الإله” تتعلّق بسرّ التجسّد والافخارستيا.


أمّا اليوم، وفي زمن الضّلال والاجتياح البروتستانتي إلى داخل الكنيسة، نرى هذه المهزلة:
إقرأ أيضًا: رؤيا للطوباوية ماريا سارافينا ميكالّي، لمؤسّس البروتستنتيّة “مارتن لوثر” في جهنّم

تابعونا على الفيسبوك:

قلب مريم المتألم الطاهر

You may also like...

Powered by Calculate Your BMI