على هذا الطريق المُضيء


“إتبعوني في الطريق الذي رسمته لكم، يا أبنائي الأحبّاء الذين أدافع عنهم وأحميهم بنفسي. إنّي الطريق للتغيير والتوبة.
التغيير الذي أطلبه منكم هو، الذي طلبه منكم يسوع في إنجيله. إبتعدوا عن درب الشرّ السّيئة، والكبرياء، والأنانيّة، والخطيئة.
في العالم الذي تعيشون فيه، وحيث يُقبَل التمرّد ضدّ الله وضدّ شريعة محبّته، وحيث يُنشَر، ويًشاد به ويُجعل منه نموذجًا جديدًا للحياة، كم هم كُثُر أولادي المساكين الذين يصبحون كلّ يوم ضحايا للخطيئة والحقد، للعنف والرشوة، للأنانية والدنس !
إنّ الخطيئة الجسيمة تُبعدكم عن الله، وتقتلع من نفوسكم الهبة الثمينة للحياة والنعمة، وتجعلكم عبيدًا للأهواء والفجور، إنّها تُضعف دفاعكم أمام التجارب وتفتح مجالات كبيرة لعمى إبليس، الذي يتملّك أكثر فأكثر بوجودكم، ليجعل منه أداةً من أجل نشر الأنانيّة الجامحة والكبرياء، والحقد والانقسام، والفجور والدنس.
ستُحقّقون في داخلكم مجهودًا حقيقيًّا للتغيير، إذا تصدّيتم بشجاعة وقوّة للعالم الذي تعيشون فيه، لتسيروا هكذا في طريق الخير والنعمة الإلهيّة، والمحبّة والقداسة.

يجب اليوم أن يتحوّل أولادي كلّهم، ويعودوا إلى الإيمان بالإنجيل، والعيش حسب الإنجيل، وأن تُسيِّرهم فقط حكمة الإنجيل. هذه الأيام المؤاتية لتغييركم. إنّها أيّام نعمة ورحمة ورجاء وانتظار… إنّها أيام التحضير للذي ينتظركم منذ الآن، هذه الأحداث الكبرى التي أُنبئتم بها.
لذلك إنّي أطلب منكم أيضًا أفعالاً يوميّة من التقشّف والتكفير.

لتكن توبتكم التي تقدّمونها لقلبي البريء من الدنس على ثلاثة أشكال:
أعطوني خاصّة توبتكم الداخليّة، التي يجب أن تمارسوها لكي تتوصّلوا لأن تسيطروا أنتم أنفسكم على أهوائكم، ولكي تصبحوا حقًّا طيّعين، متواضعين، صغارًا، متضرّعين لتصميمي. إنّ قلبي يقلق أحيانًا لرؤيته المقاومة التي تتصدّون بها لدعواتي الوالديّة، وهكذا لن تنجحوا في بلوغ مقياس الطواعيّة والتواضع، والتلاشي الحقيقي لأنفسكم الذي أطلبه منكم، لأنّ ذلك لا مفرّ منه، بالنسبة لي، لكي أستطيع استخدامكم في تحقيق قصدي للخلاص والرحمة.
وبعدئذٍ، قدّموا لي التوبة الصامتة واليوميّة التي يسبّبها لكم التحقيق السخيّ لمشيئة الله فقط، في كلّ مناسبة من حياتكم، من خلال الإنجاز المتواضع والأمين والكامل لكلّ واجباتكم. إذا تصرّفتم هكذا، فكم من الفُرص الثمينة للتألّم والتقدمة ستسنح أمامكم في بحر نهار بكامله. إنّ ابتسامتكم، وسكينتكم وهدوءكم وصبركم، وقبولكم وتقدمتكم، هي توبات حقيقية صامتة، تُعطي زيادة من القيمة والنور لكلّ مناسبة من وجودكم.
إنّي أطلب منكم أيضًا التوبة الخارجيّة التي تُمارس دائمًا في السيطرة على الأهواء، وعلى إماتة الحواس، بشكل خاص العيون، واللسان والسمع والذوق.

لا تنظروا إلى الشرّ الكبير الذي يُحيطكم، والدنس الكثير الذي يلوّث طرقاتكم. تخلّوا عن مشاهدة التلفزيون لتحافظوا على النور في نفوسكم، ولكي تعطوا في حياتكم مكانًا أكبر للخلوة والتأمّل والصلاة.
إعرَفوا كيف تكبحون لسانكم وتجيدون الصمت في داخلكم ومن حولكم، ليمكنكم أن تتكلّموا فقط لنشر الخير بروح المحبّة، والخدمة المتواضعة نحو الجميع. تجنّبوا الانتقادات والثرثرة، والنميمة والإساءة. لا تخضعوا لتجبة المحاكمة والإدانة السهلة.
أقفِلوا آذانكم وعقولكم عن صخب الأصوات التي أصبحت اليوم أكثر إصمامًا، والتي تجرّكم إلى العيش وسط الضجيج والبلبلة والجفاف. أميتوا ذوقكم بامتناعكم عن كلّ ما يثير لذّتكم أكثر، وبممارستكم أيضًا الصوم الجسدي، الذي طلبه يسوع في إنجيله، والذي أطلبه منكم أيضًا.

إذا سرتم على هذه الطريق التي أرسمها لكم، والتي ستقودكم إلى سلام القلب وطهارة النفس، فسيبارك الربّ أيّام حياتكم. وستصبحون أنتم أنفسكم كلمتي المعاشة، وستحملون في كلّ مكان النور لحضوري، في الظلمة الكبيرة التي تكثّفت على العالم.
أريد أن أقودكم دائمًا، على الطريق المنير للتغيير والتوبة، وبشكل خاص في هذه الأيّام التحضيريّة للأعجوبة الكبرى الإلهيّة التي هي على وشك أن تتحقّق”.

رسالة 4 آذار 1978 (بداية الصوم) – من “الكتاب الأزرق” – كتاب ممضيّ من الكنيسة وينشر بإذنها


تابعونا على الفيسبوك:
قلب مريم المتألم الطاهر

final

You may also like...

Powered by Calculate Your BMI