النفس المطعونة

“سيخترق سيفٌ نفسكِ”. هذه الكلمات التي تفوَّه بها سمعان الشيخ، في اللّحظة التي كنتُ أقدّم فيها للربّ ولدي الصغير، قد تحقّقت على مدار كلّ حياة ابني يسوع الأرضيّة، منذ طفولته الملأى بالفخاخ، وحتّى شبابه الخفيّ؛ منذ حياته العلنيّة المُشبعة بالجدل، وحتّى القبض عليه وإدانته؛ ومنذ صعوده إلى الجلجلة وحتّى موته على الصليب، كانت حياته بكاملها تجسيدًا لهذه النبوءة.
لقد كان كذلك بالنسبة للكنيسة الجسد السريّ لابني يسوع. فخلال سيرته الأرضيّة، وفي مجرى تاريخه المليء بالألم والدمّ، كم مرّة طُعِنَت نفسي بسيف ! ولكن نفس أمّكم السماويّة هي مطعونة بشكل خاصٍ في هذه الأزمنة الأخيرة بأوجاعٍ كبيرة.
إنّ نفسي مطعونة بألم كامل هذه البشريّة المسكينة، التي ابتعدت عن الربّ لتتبع أصنام اللذّة والراحة، والكبرياء والمال، والحقد والفساد. كم أصبح كبيرًا الخطر الذي يهدّدها بالتدمير! إنّي، وكأمّ مهتمَّة، أتدخّل أيضًا لأقودها على طريق التغيير والتوبة، والعودة إلى الربّ وإلى خلاصها. لكن كلّ تدخّلاتي غير العاديّة لم تُسمَع. وبالعكس فقد رُفِضَت علانية وحُورِبت مرارًا.
إنّ نفسي مطعونة لرؤيتي كنيستي رازحة تحت ثقل نزاعها الأليم. فيها تنتشر الأخطاء التي تقود إلى فقدان الإيمان بشكل متزايد؛ إنّ الخطيئة تغوي عقول وقلوب العديد من أولادي. الكثيرون يستسلمون لإغراءات اللذّة، ويسقطون تحت عبوديّة إبليس الذي نجح في استقطاب الأرض كلّها. إنّ البابا خاصّتي قد أصبح أكثر فأكثر معزولاً، ومدار سخريّة ومعرَّضًا للانتقاد ومتروكًا؛ العديد من الأساقفة والكهنة يمشون في طريق عدم الأمانة، ويضعفون مثل أنوار منطفئة؛ الكثير من الذئاب الخاطفة اللابسة ثياب الحملان، تتوغّل في داخل حظيرة إبني يسوع لتنفّذ مجزرة. إنّ الكنيسة مدعوّة الآن لتعيش ساعات ألمها وذبيحتها المؤلمة.
إنّ نفسي مطعونة بسبب كثير من النفوس التي تضيع، والتي تسقط كلّ يوم في جهنّم. ساعدوني على إنقاذهم. ساعدوني بصلاتكم وألمكم ومحبّتكم وأمانتكم. لذلك أدعوكم إلى مضاعفة ندوات الصلاةالآن وقد أوشكت المحنة الكبرى أن تنتهي. إنّكم تساعدوني هكذا في إنقاذ الكثير من أولادي المساكين، الذين يسيرون نحو الضياع الأبديّ.
إن نفسي مطعونة عندما أرى في أيّة حالة سقطت هذه الأمّة الكبيرة التي تزورها. لقد عادت إلى الوثنيّة، وباتت ضحيّة للمادة واللذّة. إنّ شريعة الله تُنتَهك بازدياد، ويتمّ التعدّي كلّ يوم على عطيّة الحياة، بفعل عمليّات الإجهاض التي لا تُعدّ. أصرخ للجميع وبصوتٍ قاس عن ألمي الكبير. أُعلنُ وبدون خوف أنّ العقاب الكبير قد بدأ، وللنجاة منه، عليكم جميعَكم الدخول وفي أسرع وقت إلى الملجأ الأكيد ألا وهو قلبي البريء من الدنس. فهنا سأعزّيكم أنا، وستعزّون أنتم نفسي المطعونة بأوجاعٍ كبيرة”
– رسالة 15 أيلول 1984 – من “الكتاب الأزرق” – كتاب ممضيّ من الكنيسة ويُنشر بإذنها – رسائل العذراء الى الأب ستيفانو غوبي “مؤسس الحركة الكهنوتية المريمية”


تابعونا على الفيسبوك:
قلب مريم المتألم الطاهر

final

You may also like...

Powered by Calculate Your BMI