هل الشّيطان موجود؟ هل يجرّبنا؟ (القديس يوحنّا-مريم فيانني)

(الصّورة: جثمانه الذي لا يزال سليمًا من 161 سنة)
القديس يوحنا-مريم فيانني “خوري آرس”، شفيع الكهنة يُجيبُكم!

“إن كُنتم تريدون أن أُثبِتَ لكم وجودَ شياطينَ تجرّبنا نحن البشر، فسأعتبرُ أنّني أتكلّم مع أناسٍ مَجانين أو مع وَثنيّين، أو ربّما إلى مسيحيّين مَكسوّين بلباس الجهل الأكثر قذارة والأشدّ بؤسًا؛ فذلك يبرهن لي أنّكم لم تتعرفوا قطّ إلى التعليم المسيحيّ حتّى الآن.
لقد سُئلتُم عندما كنتم أطفالًا: “هل ظلَّت جميع الملائكة وفيّةً لله؟” وقد أَجبتم: “لا، فإنَّ قِسمًا منها تمرَّد عليه، وطُرد من السّماء وأُلقِيَ في جَهنَّم.”
وقد سُئلتُم أيضًا: “ماذا فعلَت تلك الملائكة المُتمرِّدة؟” وأجبتُم أنّها تُجرِّب البشر، وأنّها تعمل بكلّ قُدرتها لتحمل البشر على فعل الشرّ. وأنتم تعلمون جيّدًا أنّ الشيطان هو الذي جرَّب آدمَ وحوّاء، أبوَينا الأوّلين، في الفردوس الأرضيّ (تك 3: 1) حين حقّق انتصاره الأوّل: الأمر الذي جعله فَخورًا ومُتعجرفًا جدًّا. وأنّ إبليس هو مَن جرَّب قايين، ودَفعه إلى قتلِ أخيه هابيل (تك 4: 8).
نقرأُ في العهد القديم في فصل أيّوب (1: 7)، أنَّ الرّبّ قال للشّيطان: “من أين تأتي؟”، قال: “من التّطواف في الأرض والتّرداد فيها”. دليلٌ قويٌّ، أليس كذلك؟!
إنَّ الشيطان يدور في الأرض لكي يُجرّبنا، كما نقرأ في الإنجيل كيف أنَّ مريم المجدليّة بعد اعترافها بخطاياها ليسوع المسيح، أخرج من جَسدها سبعة شياطين (لو 8: 2). ونرى في موضعٍ آخرَ من الإنجيل أنَّ الرّوح النّجس إذ يخرج من جسد إنسانٍ يقول: “أعود مع شياطين أخرى شرًّا منّي” (لو 6: 26).
والقدّيس بطرس الرسول يحذّرنا: “تيقّظوا واسهروا، فعدوّكم إبليس يدور كالأسد الزّائر طالبًا من يلتهمه” (1بطرس 5: 8)، والمسيح يسوع نفسه أيضًا: “اسهروا وصلّوا لئلّا تقعوا في التجربة” (متّى 26: 41).
أليس كلُّ ذلك أهمَّ ما يتوجّب عليكم معرفته؟ فلا أحد يشكّ بما أقولُه!

لكن من هم الّذين يتعرّضون للتّجارب بدرجةٍ أكبر؟ هل هم السكّيرون، أم النمّامون، أم الفجّار الغارقون في قذارتهم؟ أم هو البخيل الذي يسرق بشتّى الوسائل؟ كلّا، أبدًا! ليس هؤلاء. بل على العكس. فالشّيطان يحتقر أولئك القوم، ويتمسّك بهم بإحكامٍ، خوفًا من أن يتوقّفوا عن فعل الخطيئة، لأنَّه ما داموا على قيد الحياة، فإنَّ مَثلَهم العاطل يقود النفوس إلى جهنّم.
فالقدّيس أغسطينوس يعلّمنا أنَّ الشيطان لا يجرّب أشباه هذه النفوس كثيرًا، بل على العكس، فهو يهزأُ بهم ويبصق عليهم، ولا يكترث لأمر تجربتهم.
إذًا، من هي النفوس التي تُجَرّبُ بالأكثر؟
إنّها في الواقع النفوس المستعدّة، بنعمة الله، للتّضحية بكلّ شيءٍ في سبيل خلاص نفوسها. هي النّفوس التي تتجرّد من الأشياء التي يبحث عنها الآخرون بشغفٍ. في الحقيقة ليس شيطانٌ واحدٌ من يجرّبهم وحسب، بل ملايينٌ من الشّياطين، التي لا تنفكُّ تدور حولهم، محاوِلةً أن تُوقِعَهم في فخاخها.
فتنبّهوا إذًا! إنَّ التّجربة الأكثر رُعبًا على الإطلاق هي أن تخلو حياة المرء من التّجربة.
فهذه هي حالة الّذين يحتفظ بهم الشيطان لجهنّم. بل أقول لكَ أنّه يخاف من أن يجرّبهم، أو يذكّرهم بأفعال حياتهم الماضية، خوفًا من أن يفتحوا عيونهم ويروا خطاياهم!”

فكيف الحال إن كان بعض معلّمي اللّاهوت والمُكرّسين هم الذين لا يؤمنون بوجود الشّيطان ولا بتجاربه؟! ويبشّرون بذلك؟!

إعداد صفحة قلب مريم المتألم الطاهر 

You may also like...

Powered by Calculate Your BMI