سبعة أنواع من العبّاد المزيّفين، يُهينون العذراء بإكرامٍ باطلٍ

1-العبّاد المُنتقدون

هم عادةً في عِداد العُلماء المتكبّرين ! عقول قويّة ومُكتفية بذاتها. يقومون ببعض ممارسات الإكرام للعذراء القديسة، لكنّهم في الوقت نفسه، ينتقدون تلك التي يقوم بها الناس البسطاء بنيّةٍ سليمة وتقوى راسخة، للأمّ السماويّة (كالورديّة مثلًا …) بحجّةِ أنَّ هذه الممارسات لا تتواقف مع أذاوقهم وأمزجتهم !! كما أنّهم يُشكّكون بكلّ المعجزات والرِوايات التي ينقلها أناسٌ جديرون بالثقة، أو منقولة عن تواريخ الجمعيّات الرهبانيّة التي تروي الإحسانات أو تُعلِنُ للملأ عن قدرة العذراء القديسة. (كالظهورات المريميّة على قديسين ورسائلها العديدة وعجائبها …) فلا يمكنهم تحمّل مرأى أناسٍ مُتواضعين ساجدين أمام مذبح العذراء أو أيقونة لها في إحدى زوايا الشوارع. كما يذهبون الى حدّ اتّهامِهم بعبادة الأوثان، ويصرّحون بازدراء أنّهم لا يُطيقون مَرأى هذه العِبادات الخارجيّة غير اللائقة بهم، بل هي نَصيب العُقول الضّعيفة ! وعندما يَستشهدون لإقناعهم بمدائح القديسين الرائعة للعذراء مريم، يُجيبون باستخفافٍ أنّ هذه الأقوال والمَدائح إمّا جاءت عن ألسنتهِم مِن باب المُبالغة الخطابيّة، أو يتذرّعون بشُروحات باطلة ! (مثلًا: إنّها آراء شخصيّة عاطفيّة غير واقعيّة …)
فإنّ هذا النّوع من العُباد الزائفين المتكبّرين المتشبّعين مِن روح العالم، هم خطرون جدًا ويضرّون كثيرًا بالتعبّد للعذراء القديسة، ويُبعِدون الشعب عنها بحجّة مُحاربة المُبالغة والتطرّف !

2-العبّاد المُصابون بالوسواس

هم أولائك الذين يخافون أن يُهينوا الإبن بإكرامهم الأمّ، وأن يُخفضوا مِن مَقام الواحد لرفع الآخر. ولا يُطيقون تحمّل تقديم المَدائح التي قدّمها القدّيسون للعذراء مريم، ويتقبّلون بانزعاجِ مرأى أناسٍ ساجدين أمام مذبح العذراء بدلًا مِن أن يصلّوا للقربان المقدّس. كما لو أنّ الواحِد يُناقِض الآخر؛ وكما لو أنّ الذين يصلّون للعذراء لا يصلّون ليسوع المسيح بواسطتها !!! ويَرفضون أن يُكثر الحديث عن العذراء والتوجّه إليها باستمرار.
ومِن انتقاداتهم قولهم: ما الفائدة مِن تلاوة كل هذه السُبحات وتأسيس كلّ هذه الأخويّات ومِن كل هذه العبادات الخارجيّة للعذراء القديسة ؟ (كالتعبّد لقلب مريم الطاهر مثلًا…) هذا كلّه علامة جَهل؛ يُعرّض ديانتنا للسّخرية. مِن الأفضل أن يُكثر الحديث عن يسوع المسيح واللّجوء إليه والتبشير به لأنّه شفيعنا الأوحد !
هذا القول صحيح مِن جهة ولا يُتعرض عليه، ولكن تطبيقه هنا فيه خطرٌ كبير، لأنّه يرمي الى تعطيل التعبّد للعذراء، وبالتالي هو فخٌ خبيث مِن إيحاء الشيطان ! الذي يحاول أن يُقنعنا بأنّ العبادة ليسوع هي الخير الأعظم.
لكن في الحقيقة إنّنا لا نقدّم الإكرام الأكبر ليسوع إلّا عندما نكرّم العذراء إكرامًا كبيرًا !
لأنّنا لا نكرّمها إلّا لنكرّم يسوع إكرامًا كاملًا، ولا نُقبِلُ إليها إلّا باعتبارها الطريق الذي يوصلنا لغايتنا التي هي يسوع †

3- العبّاد الظاهريّون
هم الذين يتوقف تكريمُهم للعذراء مريم على ممارساتٍ خارجيّة وحسب، فلا يتذَّوقون من إكرامهم لها إلّا الظواهرَ، ولا عجب، فالروحُ الباطني بَراءٌ منهم. تراهم يتلون سبحاتٍ كثيرة بسرعة، ويسمعون قداديسَ بلا انتباه، ويذهبون إلى التطواف بدون ورع، وينتمون إلى كلّ الأخويات، ولكن دون إصلاحِ سيرتهم، أو قَمعِ أهوائهم. وبدون الاقتداء بفضائلِ مريم المباركة، (التواضع- المحبّة- الطّهارة- الحشمة …) لا يحبّون إلّا ما هو شعوريّ من الإكرام، غيرَ متذوقين الجوهريّ الذي هو الأساس، ولا يشعرون بلذةٍ في ممارساتهم، يَخالُ لهم أنّهم لا يَعملون شيئاً، فيضطربون ويُهمِلون كلّ شيء ويمارسون إكرامَهم بلا نظامٍ. إنَّ العالَم مملوء من مثل هؤلاء العبّاد الظّاهريين، أمَّا المصلّون المواظبون على الأمور الباطنيّة، فإنّهم يفحصونها بدقّة، ولهذا يعتبرونها جوهريّة، دونَ احتقارِ الاحتشامِ الخارجي المرافق دوماً للإكرام الحقيقي.
(مثلًا: نرى الكثيرين منهم، كالّذين ينشرون صور مُشكّكة لهم وغير محتشمة – نساءً ورجالًا- على مواقع التّواصل، ويتباهون بعرض صورٍ وتأمّلات للعذراء مريم الكليّة الطّهارة في الوقت عينه، فحريٌّ على هؤلاء إزالة كلّ تلك الصّور القذرة وصنع توبة حقيقيّة كاملة والاعتراف بهذه الخطايا المميتة من جهة، والتي تُهين العذراء من جهةٍ أخرى وإكرامها)

4- العبّاد المُعتدّون بذواتهم

هؤلاء هم خطأة يُرخون العَنانَ لأهوائهم الفاسدة، ويحبّون العالم، يُخفون تحت اسم “المسيحي” الجميل، أو المصلّي لمريم الطوباوية، كبرياءَهم أو بخلَهم، عهارتَهم أو سكرَهم، غضبَهم أو حلفانَهم، نميمتهم أو ظلمهم، فيلازمون عاداتِهم الذميمة، دون أن يُغصِبوا ذواتَهم كثيراً أو يُصلحوها، مُطمئنّين أنفسهم بأنّ الله يغفر لهم وأنّهم لن يموتوا دون اعتراف، لأنّهم يكرّمون العذراء القديسة ويتلون الورديّة، ولا يُهملون سبحتَهم، أو أنّهم يصومون يوم السبت، أو لأنّهم ينتمون إلى أخويّاتها، أو لأنّهم لابسون ثوبَ الكرمل، أو الأيقونة العجائبيّة…
فإذا قيل لهم بأنَّ ممارستَهم هي خدعةٌ شيطانية، وادعاءٌ خطرٌ بوسعه أن يؤدّيَ بهم إلى الهلاك، لا يصدّقون ذلك، قائلين بأنَّ الله صالحٌ رحوم، لم يَخلقنا لكي يهلكَنا، لأنّه لا يوجد إنسان لا يُخطئ. فيؤمِلون الاعتراف قبل مماتهم، أو أنّه يكفيهم القول في ساعة الموت: «أَخطأت»، لا بل يدَّعون أنهم يكرّمون العذراء القديسة، إذ يصلون يومياً بأمانة وتواضع “سبعَ مراتٍ أبانا والسلام لك”، إكراماً لها، (أو مرّة واحدة) كما يتلون أحياناً سبحتَها وفرضها، ويصومون إكرامًا لها والخ… ويؤيّدون قولَهم هذا بسردِ رواياتٍ سمعوها أو قرأوها ( لا يهمّهم إن جاءت في كتبٍ حقيقية أو مزوَّرة) عن أناسٍ ماتوا في الخطيئة المميتة وبدون اعتراف، ونظراً إلى بعض الصّلوات التي كانوا يصلونها، أو ممارساتٍ تقويّة يقومون بها إكراماً لها، قاموا في جسدهم عجائبياً واعترفوا وتابوا في ساعة موتهم، توبةً حقيقية ونالوا مغفرةَ خطاياهم، فخَلصوا. ويأملون هم أيضاً الحصولَ على هذه الامتيازات التي حصلَ عليها أُولئك.

لا شيءَ في المسيحية أتعس من هذا الادّعاء الشيطانيّ: هل يجوز القول عن أحد حقاً أنه يحبّ مريم ويكرهها، عندما يجرح بخطاياه ويثقب ويصلب ويهين بلا شفقة ابنَها يسوع المسيح؟ لو كانت مريم تساعد بشفقتها أُناساً كهؤلاء، لكانت تسمحُ بارتكاب أشنع الأعمال وتعاون صالبي ومُهيني ابنها، فهل يتجاسر أحدٌ على التفكير في ذلك؟
إنّ من يسيء استعمالَ إكرام مريم بهذا النوع، هذا الاكرام الذي هو أقدسُ وأسمى بعد العبادة لربّنا في سرّ القربان الأقدس، فإنّه يرتكبُ نِفاقاً فظيعاً، هو أعظم نفاق، بعد تناولِ القربان بدون استحقاق (دون اعتراف). أُصرّحُ بأنّه لكي يُكرّمَ المرءُ الأُمَّ الطوباويةَ، ليس من الضروري مطلقاً بأن يكونَ قدّيساً بريئًا من كلّ خطيئة، ولو أنَّ ذلك مرغوبٌ فيه كثيراً، بيد أنّه يجب أن يكون أقلَّه: – قاصداً بإخلاص أن يَحيدَ عن كلّ خطيئة مميتة، تًهينُ الأمَّ كما تهين الإبن أيضاً. (وأسبابها طبعًا) – أن يَغصُبَ ذاته لتجنّب الخطيئة – أن ينتمي إلى الأخويّات ويتلو السبحة أو الوردية بكاملها، او صلواتٍ أخرى ويصوم على شرفها وما شاكلَ ذلك من الإكرام.

كلّ ذلك ضروريٌّ ونافعٌ جداً لارتداد الخاطئ حتّى ولو كان قاسيَ القلب، فإذا كان القارئ منزلقٌ في الهاوية فإنّي أنصحه بأن لا يمارسَ بعد هذه الأعمال التقويّة إلّا مع النية بأن ينالَ من الله بشفاعة الأمّ القديسة، نعمةَ التوبة ومغفرةَ خطاياه، وأن يغلُبَ عاداتِه الرديئة، ولا ليبقى جامداً بهدوء وسكينة في حالةِ الخطيئة، ضدَّ توبيخِ ضميرهِ متحدّياً يسوع والقديسين والمشوراتِ الانجيلية.

5- المصلون المتقلّبون

هم أُولئك الذين يكرمون العذراءَ القديسة حسب الظروف والشعور. فتراهم احياناً حارّين وطورّا فاترين. يُظهرون مرة مستعدين لعمل كلِ شيء لخدمتها، وبعده بقليل، كأنهم ليسوا هم ذاتَهم. يعتنقون أولاً كل الممارسات للعذراء الطوباوية، فينتمون إلى أخوياتها، ثم لا يمارسون أبداً قوانينَها بأمانة، إنهم يتقلّبون كالقمر (يشوع 12:27) فتضعهم مريم تحت قدميها، مع القمر، لأنهم متقلّبون وغيرُ أهلٍ ليُحسَبوا بين خدامها الأمينين الثابتين. إنه لأفضلُ بأن لا يحمل المرءُ نفسَه عبء صلواتٍ وممارساتٍ كثيرة، بل ان يمارسَ القليلَ منها بمحبة وأمانة، رغمَ العالم والشيطان والجسد.

6- المصلون المراءون

هؤلاء هم كذبةُ يخفون خطاياهم وعاداتِهم الذميمة تحت كنفِ العذراء القديسة، ليراهم الناسُ أحسن ممّا هم عليه.

7- المصلون ذوو المصالح

يلتجئ هؤلاء إلى العذراء الطوباوية ليحصلوا مرافعةً في المحاكم، أو يتجنبوا خطراً، أو لنيل شفاءٍ من مرض، أو لحاجةٍ ما. لولا هذه، لكانوا ينسونها، فسواء هؤلاء او الذين سبقوا، يكرمونها كَذِباً، وليسوا أهلاً للوقوف أمام الله أو أُمه المباركة.

إذن لنحترسَ من المصلّين المنتقدين الذين لا يؤمنون بشيء وينتقدون كل شيء، من أصحاب الوسواس، الذين يخافون من المبالغة في إكرامهم لمريم، إحتراماً لابنها، ومن الظاهريين الذين يعتمدون على الممارسات الخارجية فقط، ومن المتكبرين الذين يتذرّعون بإكرامهم لها ليستمروا بخطاياهم، ومن المتقلبين، الذين بسبب خفتهم يغيّرون ممارساتِهم، أو يتركونها تماماً لأصغر تجربةٍ، ومن المرائين الذين ينتمون إلى أخوياتها ويحملون شاراتِها، ليظُنَّ الناسُ أنهم صالحون، وأخيراً من النفعيين الذين يلتجئون إليها للتخلص من الشرور الجسدية أو الحصول على الخيور الزمنية.

(كتاب الإكرام الحقيقيّ للعذراء مريم – فقرة 93 إلى 99)

You may also like...

Powered by Calculate Your BMI