ظهور سيّدة الكرمل وثوبها الخلاصيّ †

1- الجبل المقدّس

يقع جبل الكرمل في الأراضي المقدّسة، ويُدعى أيضًا جبل مار إلياس هو سلسلة جبال في شمال فلسطين، وهو جبل ساحليّ يطلّ على البحر الأبيض المتوسّط، وعلى ميناء مدينة حيفا وخليج عكّا.
وهو أوّل مكانٍ مكرّسٍ للعذراء القدّيسة مريم، حيث بُنيت على سفوحِهِ كنيسةٌ صغيرةٌ إكراماً لها، قبل انتقالها بالنفس والجسد الى السماء.
وجاء ذكر جبل الكرمل مرّاتٍ عديدة في الكتاب المقدّس.
(على هذا الجبل أيضًا دير ستيلا ماريس (أي: نجمة الصّبح) أو دير “سيدة جبل الكرمل” تابعٌ للرّهبنة الكرمليّة. 

يذكر التّقليد المقدّس أنّ الدّير يضمّ مغارةً اعتكف فيها النّبي إيليا أو مار إلياس. حيثُ انتصر على أعدائه الوثنيّين في منطقة جبل الكرمل)

2- العذراء تظهر على القديس سيمون ستوك

طلبت العذراء نفسها من القديس سيمون ستوك الدخول الرهبنة الكرمليّة في كِنت- انجلترا في الأربعين من عمره.
وقد أُرسل الى جبل الكرمل حيث عاش حياة تكفيرٍ  وصلاة الى أن أُجبِر هو ومعظم إخوته الرهبان على الرحيل من قِبل المسلمين المضطَهِدين، وأبحروا الى إنجلترا. وفي الاجتماع العام الذي عُقِد في أيليسفورد- إنجليترّا عام 1245، انتُخب القديس سيمون بالإجماع رئيساً عامًّا للرّهبنة الكرمليّة. 

كان القديس سيمون ستوك متعبّداً لأمّنا مريم القديسة عبادةً حارّةً، وذلك ما ساهم في ازدهار الرّهبنة الكرمليّة فور البدء بإعطاء توجيهاته، رغم الاعتراض الكبير الذي كان يواجهه من داخل الرّهبنة.
واستجابةً لاستغاثته بالأمّ القديسة من أجل مساعدة رَهبنته التي تواجه المقاومة، وفي 16 تموز 1251 (عندما كان في 86 من عمره) ظهرت له العذراء مريم في دير الرهبان الكرمليّين في آيليسفورد- بريطانيا  Aylesford (أنقر هنا لتشاهد الدّير) حاملةً بيدها ثوبًا بنّيَّ اللّون (وهو ثوب فضفاض بلا كُمّين يتدلّى من الكتفين) وقالت له:
“استلم يا بنيّ الحبيب، هذا الرّداء لرهبنتك: سيكون امتيازاً لكَ ولكلّ الكرمليّين، أيّ شخص يموتُ مرتدياً هذا الثّوب، لن يقاسي النّار الأبديّة.”
فكان هذا حقاً هديّةً ثمينةً، ووعدًا عظيمًا من أمّ الله.

دير الرهبان الكرمليّين- آيليسفورد- بريطانيا  Aylesford


بعد هذا الظهور ذهب سيمون ستوك ليؤسّس أديرة كرمليّة قرب المدن التي تحوي جامعات في إنجلترا وفرنسا وإيطاليا. وأصبح المُشرف العام في رهبنته بعد الظهور بعدّة سنوات.
ولفترةٍ من الزمن أُعتبر ثوب الكرمل أحد أكثر الرموز الدينيّة انتشاراً، والتي تدلّ على تكريس الذات لخدمة العذراء مريم.
لكنّ استخدام رموز التكرّس لمريم وحملات الترويج قد تضاءلت بشكل كبير ومؤثّر منذ الستّينات من القرن العشرين. 

لأكثر من 700 عام، ظلّ ثوب سيدة الكرمل أحد أثمن العطايا وواحدًا من الرّموز المقدّسة التي منحت غفرانات قيّمة للكنيسة. ولا تقتصر قيمته على ذلك، بل إنه في الحقيقة ثوبٌ أُعطِي لنا من قبل السيّدة العذراء ويجعلنا من أولادها الخاصّين.
إنّ مباركة ثوب سيدة جبل الكرمل وارتداءه يُدرِج اسم الشخص في جمعيّة ثوب الكرمل، ويجعله مشتركاً في كلّ ثمار الصّلوات الرهبان الكرمليّين. 

والعذراء أيضًا ظهرت للبابا يوحنا 22 وقالت له:
كلّ من يرتدي هذا الثّوب ينجو من عذابات المَطهر، في السّبت الأوّل الذي يلي موته
كما أكّد هو ذلك  في وثيقةٍ رسميّة أصدرها عام 1322.
وقد أثبت هذا المنشور الباباوات ألكسندروس الخامس، وكليمنضوس الثامن وبيوس الخامس، وغريغوريوس الثالث عشر، وبولس الخامس، الذي أبرز سنة 1612 منشوراً وأعلن به قائلاً:

” “إنّ الشّعب المسيحيّ يستطيع أن يؤمن بحسن عبادةٍ بأنّ البتول الطّوباوية تسعف بشفاعاتها المتواصلة وباستحقاقاتها الذاتية وبحمايتها الخصوصية بعد الموت وخاصةً في يوم السّبت المكرس لعبادتها من الكنيسة، أنفس الإخوة المشتركين بأخوية سيدة ثوب الكرمل، الذين تنفصل أنفسهم عن أجسادهم من هذه الحياة وهم في حال نعمة الله ويكون هؤلاء الإخوة قد حملوا ثوبها على ذواتهم (أي لبسوه) بحفظ واجبات فضيلة الطهارة بقدر واجب إلتزمات دعوتهم الخاصّة، ويكونون قد تلوا الفرض المختصّ بهذه السيدة”

واجبات ارتداء هذا الثوب وشروطه:
———————————

1- يجب أن ينال الشخص الثّوب من كاهن كرمليّ، أو كاهن مفوّض من الكنيسة، بعد أن يباركه للمرّة الأولى وعندما يبلئ يمكن ارتداء غيره دون الحاجة الى المباركة من جديد.

2 – كلّ من ينال الثوب عن طريق الكاهن او المفوّض يجب عليه أن يحمل دائماً ثوب العذراء في عنقه، (تحت قميصه) ولا ينزعه أبدًا حتّى خلال النّوم، فقط عند الاستحمام.
(لا يجب تعليق الثوب كذخيرة مقدّسة في مكانٍ ما…)

3- عليه أن يصلّي يوميًّا 7 مرّات “أبانا” + “السلام عليكِ” + “المجد للآب..”

4 – يجب أن يكرّم العذراء مريم، ويشارك في رتبة القدّاس في أعيادها الكبرى:
عيد البشارة: 25 آذار.
عيد سـيّدة الكرمل: 16 تموز.
عيد انتقال العذراء إلى السّماء بالنفس والجسد: 15 آب.
عيد الحبل بلا دنس: 8 كانون الأول.

5- يجب على المكرّس أن يعيش وصايا الله والكنيسة، ويمارس الأسرار بانتظام (لا سيّما الإعتراف والقدّاس) ويُنمي إيمانه ومحبّته للمسيح. وأن يتأمّل في الكتاب المقدّس والكُتب الرّوحيّة.

6- يجب على كلّ من يرتدي ثوب العذراء أن يمتثل بأعمالها ويجتهد في اكتساب فضائلها، لا سيّما التواضع والطّهارة، وبشكلٍ خاصٍ: الحشمة الكاملة في اللّباس والسّلوك؛ منها عدم الذّهاب إلى الشواطئ والبحار حيث خطايا الدّنس.

7- ينال مرتدي الثّوب غفرانًا كامًلا (إعفاء من عقاب المطهر) إذا تقدّم لمنبر الإعتراف وأقرّ بخطاياه كاملة (إعتراف صحيح)
وشارك بالذبيحة الإلهيّة، في أعياد العذراء المذكورة أعلاه (نقطة رقم 4)
وفي أعياد قدّيسي الكرمل:
– يوحنّا الصّليب (14 كانون الأوّل)
-تريزيا الأفيليّة (15 تشرين الأول)
-تريزيا الطّفل يسوع (1 تشرين الأوّل)
-سيمون ستوك (16 أيّار)
*وفي عيد النّبيّ إيليّا (20 تمّوز)*

“حافظوا على هذا الوعد في قلوبكم واجتهدوا أن تبقوا أمناء لدعوتكم من خلال أفعالٍ تليق بكم، ولا تيأسوا. واظِبوا على الصّلاة واشكروا الله دون انقطاع على رحمته وعلى هذه النعمة”
(القديس سيمون ستوك)

-يقول البابا بيوس الثاني عشر : “كلّ من يلبس الثوب يُعبّر عن اتّحاده وتعلّقه بمريم”

ثوب العذراء هو العلامة الخارجية لهذا الإتّحاد، لكنّه ليس علامة سحريّة، ذلك لأنّ العذراء تطلب بالمقابل تعاونًا حرًّا حتّى الممات، فالشّرط هو التّالي: كل من يبقى أمينًا لثوبه حتّى الممات، يخلُص” أي أن يحافظ على تكرّسه لأمّ الرحمة وإنتمائه لها وخدمتها…

كما قال البابا القديس يوحنا بولس الثاني:
“يعبّر مرتدو الثوب عن عزمهم على صوغ حياتهم على مثال مريم، العذراء الكليّة الطهارة، الأمّ والشفيعة والأخت، قابلين كلمة الله بقلبٍ نقيِّ، ومكرّسين ذواتهم بغيرة لخدمة إخوتهم”

وهو أيضًا يذكّر عصرنا بحقيقة الأزمنة الأخيرة التي يتناساها في أغلب الأحيان ..

“العالم المعاصر يتحدّث قليلاً عن الأياّم الأخيرة وقليلون هم الذين يتجرّأون على التكلّم عنها “
(البابا بولس السادس)

حتّى حقائق الإيمان كالعذاب الأبدي: جهّنم / والعذاب المؤقّت: المَطهر

-البابا يوحنا الثاني والعشرون، في وثيقة رسمية أصدرها عام 1322:
“كل من يرتدي هذا الثوب ينجو من عذابات المطهر، في السبت الأول من السبت الذي يلي موته”


اختارت العذراء مريم أن يكون ظهورها الأخير في لورد في 16 تموز 1858. وهو عيد العذراء سيدة جبل الكرمل.
فعلى مدى العصور، ظلّت سلطانةَ الكرمل ترعى بإخلاص مصير أبنائها الأعزّاء على الأرض.
فعلى سبيل المثال، عندما ﻇﻬﺮﺕ ﻓﻲ ﻓﺎﻃﻴﻤﺎ ﻓﻲ 13 تشرين الأول 1917 يوم أعلنت عن بدء زمن الأزمنة ورقصت الشمس
في السماء بحضور 70 ألف شخص، ظهرت ﻋﻠﻰ ﻫﻴﺌﺔ ﺳﻴﺪﺓ ﺟﺒﻞ ﺍﻟﻜﺮﻣﻞ، لتذكّرنا بأهميّة هذا الثوب كعربون محبّة وحماية ورحمة منها وعلامةً لانتصار قلبها الطاهر !

“إنّ العذراء ستخلّص العالم يومًا بواسطة الوردية وثوب الكرمل”
(القديس عبد الأحد)

تابعونا كل يوم على صفحة 
قلب مريم المتألم الطاهر

You may also like...

6 Responses

  1. راءع راءع التقسيم موفق معبعص ضعف مني بمكن

  2. يقول Jesus:

    مريم العذراء ام الكون ومن دونا ما في خلاص

  3. يقول Aymen:

    امنا العدرا تبارككن

  4. يقول Sarah:

    من اين يمكنني ان احصل على ثوب السيدة العذراء؟

  5. يا أمي والكتيبة لا تتركيني ولا تتركي عائلتي خصوصًا في أيام المحن ساعدينا ورافقينا إلى ابنك يسوع ساعة انفصالنا عن هذه الأرض وظللينا بحمايتك الوالدية ووفقينا أن نموت في حال النعمة. آمين.

اترك رداً على Jesus إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Powered by Calculate Your BMI