إنتقال مريم الى السماء وتتويجها سلطانة السّموات والأرض (مدينة الله السريّة)

 “مدينة الله السريّة” أو “الحياة الإلهية لمريم العذراء الفائقة القداسة”
هو كتاب للمكرّمة ماريا داغريدا، كتبته بطلب العذراء نفسها بعد أن زوّدتها بأسرارٍ ورسائلٍ ورؤًى وانخطافاتٍ كشفت فيها مريم عَن حياتها وحياة ابنها على الأرض وفي السماء.

رأي الكنيسة عن كتاب ماريا داغريدا “الحياة الإلهية للعذراء مريم” :
بعد دراساتٍ دقيقةٍ ومعمّقةٍ وطويلةٍ من الكنيسة لهذا الكتاب الفائق الطبيعة، وبعد تقريرات كثيرة عنه. وبعد منعها له وحظره لفترات مُعيّنة للتحقّق من الإرادة الإلهيّة … أقرّ مجمع الطقوس المقدّس بالإجماع على محتوى هذا الكتاب، برضى  البابا بنديكتوس الثالث عشر (قبل أن يصبح حبرًا أعظم يستعين بهذه السيرة في مواعظه) ! في 14 آذار عام 1729. وبهذا السّماح المُطلق لم تَعد أيّ سلطة دينيّة قادرةٌ على نقضه. وهذا يعني أنّه ليسَ في كِتابتها شيءٌ مُناقضٌ لعقيدة الإنجيل وتعاليم الكنيسة الكاثوليكيّة الثّابتة.

ملاحظة قبل القراءة :

على الرغم من كلّ المجد الذي تمتّعت به مريم العذراء، إلا أنّها تبقى إنسانة “خلقها الله”؛ من صنع يديه المباركتين. لكنّه زيّنها بأبهى الأنوار والأكاليل ورَفعها الى أعلى درجات مجدٍ مُمكن أن يقدّمها الله لإنسانٍ مخلوقٍ، نظرًا لاستحقاقاتها العظيمة ومكانتها الفريدة لكونها حقيقةً والدة الإله. وبالرّغم مِن أنّه توجّها سُلطانةً فهي ليست إلهة ولن تكون يومًا، وليست أقنومًا رابعًا من الثالوث. فالثالوث القدوس الإله الواحد (آب+ ابن+روح) هو النّور، ومريم الممتلئة نورًا ! لذلك وضعنا لكم بين هلالين، بعض التّوضيحات التفسيريّة ليست من كتابات المكرّمة
-إقتضى التوضيح-

أسرارٌ تكشفها العذراء للمرّة الأولى الى المكرّمة “ماريا دا غريدا”

الإنتقال

طلبت العذراء بنفسها من ابنها الإلهي، أن تتذوّق الموت مثله لتتمثّل أكثر وأكثر به. لأنّه كان قد عرض عليها أن تصعد الى السماء مباشرةً. وما كان على ابنها أن يحقّق رغبة قلبها هذه، فذاقت الموت كابنها وسط حزن كبير للطبيعة والمخلوقات جميعها والشمس والقمر والرسل الأطهار، بخاصّةٍ يوحنّا الحبيب … كما حصل عند موت الرّب يسوع المسيح.

 لقد مضى ثلاثة أيام وكانت نفس مريم القديسة تتمتّع في السماء، عندما أعلن الله للطوباويّين مرسومه الأبدي: “قيامة جسدها الوقور”…
ولما حان الوقت نزل يسوع المسيح من السموات مُصطحبًا عن يمينه، نفس أمّه المحبوبة جدًا وسط أجواقٍ عديدةٍ من الملائكة ورؤساء الكهنة والأنبياء.
ولدى وصوله الى القبر قال لموكبه: “لقد حُبِل بأمّي من دون خطيئة حتّى آخذ من جسدها الطاهر إنسانيّتي. لحمي هو لحمها. لقد شاركتني عدا ذلك بأعمال الفداء. لذا عليّ أن أقيمها من الموت كما قُمتُ أنا ويجب أن يكون ذلك في نفس الوقت لأنّي أريد أن تشابهني بكلّ شيء … “
وللحال دخلت نفس مَلكتنا الجليلة الممجّدة في جسدها العذري وأعادت له الحياة بدون أن يتحرّك حجر القبر أو تتغيّر ثنايا فسطانها وكفنها. كما أنّه يستحيل التعبير عن الجمال والإشراق اللذين زُيّنت بهما ونكتفي بالقول أنّ يسوع المسيح قد أراد أن يُعيد إليها ما أخذه منها بتجسّده.
وكان ذلك يوم أحد في 15 آب مباسرةً بعدَ منتصف الليل.

عندئذٍ انطلق من القبر نحو السماء تطوافٌ باحتفالٍ لا مثيل له على أنغام موسيقى التهليل. دخل القديسون والملائكة الى السموات كلٌ حسب رتبته، وبعدهم وصل سيدنا يسوع المسيح مُصطحِبًا عن يمينه أمّه الكليّة القداسة.
إلتفت نحوها جميع الطوباويين لينظروا إليها ويباركوها بتهليلٍ جديد وتسابيح جديدة… وعندما وصلت الى أسفل العرش إستقبلها الثالوث الأقدس أحسن استقبال:
“يا ابنتي المحبوبة، قال لها الآب، إصعدي الى أعلى فوق جميع المخلوقات.”

“يا أمّي، أضاف الإبن، تقبّلي من يدي المُكافآت التي استحققتها”
“يا عروسي، قال بدوره الروح القدس، أدخلي الى الفرح الأبدي الي يتناسب وأمانتكِ …”

صلاة العذراء الى الكنيسة قبل موتها وإنتقالها الى السماء

لقد عشتُ فيك، أنا المُسافرة المسكينة بعيدة عن الوطن. فيك توجد كنوز إبني. كنتُ أودُّ، ولو بثمن ألف حياة، أن أجذب نحوك جميع الشعوب وكلّ الأجيال. يا كنيسة الأرض المحبوبة إني أتركك لأذهب إلى الكنيسة الظافرة (المنتصرة) في السماء ولكن مِن هناك سأواصل تطلّعاتي إليك بحنان وأنا أصلّي من أجل إزدهارك !

822643p13636EDNMain15667PST140801_pg14_shutterstock_117714919_300

وصيّتها الى الرسل، بعد أن ركعت أمام القديس بطرس (الحبر الأعظم، مُمثّل المسيح)

يا أولادي الأعزّاء، وأسيادي لقد أحببتكم بحنانٍ بابني القدوس الذي رأيته دومًا فيكم أنتم أصدقاءه ومُختاريه. إنّي أذهب الى السماء حيث أعدكم كأمٍ أنّكم ستبقون حاضرين في قلبي !
وإنّي أوصيكم بتمجيد الله ونشر الإيمان وأقوال ابني الإلهي وذكرى حياته وموته وممارسة شريعته ومحبّة كنيسته. أحبّوا بعضكم بعضًا في رباطات المحبّة والسلام.
وأنتَ يا بطرس أوصيكَ بيوحنَا كما أوصيكَ بجميع الحاضرين.

 

إرشادات العذراء الى المكرّمة ماريا دا غريدا، بعد أن أخبرتها هذه الأسرار

يا ابنتي، عندما اخترتُ الموت للذهاب الى السماء كنتُ مُستحبَّة جدًا من ابني الإلهي، الذي اتّبعت مثله والذي مَنحني للحال نعمةً ثمينة من أجل أولاد الكنيسة. جميع المتعبّدين لي والمتوسّلين لي عند مماتهم وهم يذكرون موتي، يكونون تحت حمايتي الخاصّة !!
سأدافع عنهم ضدّ الشيطان وسأقدّمهم الى منبر رأفة يسوع المسيح !
فهو نفسه كما وعدني، سيمنحهم ليس فقط ميتةً صالحة، بل حياةً صالحة لأنّ الضمانة الأكيدة لموتٍ صالحٍ هي حياة صالحة.


 تكليل مريم
(مع شرح وتوضيح داخل هلالين)

… غُمرت مريم الجليلة بأُقيانوس الألوهية غير المتناهي (غمرتها الألوهية ولم تُصيّرها إلهًا)
وعندما جلست على العرش الإلهي أعلن السيّد لحاشيته المملؤة إعجابًا، الإمتيازات التي أُعطيت لها بمشاركتها هذه لعظمته. قال لهم الآب: إنّ ابنتنا مريم التي عملت مسرّاتنا الأولى لن تتخلّى أبدًا عن لقَبِها ولها الحقّ بمملكتنا التي يجب أن تكون معروفة منها، ومتوجّة بكل حقّ : المعلّمة والملكة الوحيدة (أي “المرأة” الملكة الوحيدة)
وقال الإبن: جميع المخلوقات التي صنعتُها وافتديتُها هي خاصّة أمّي الحقيقيّة: يجب أن تكوني أنتِ الملكة الشرعيّة على جميع ما أملكُ عليه.
واستنتج الروح القدس: بلقبها عروسي، الإسم الذي حافظت عليه بأمانة، يحقّ لها أيضًا على مدى الأبديّة تاج المُلك، والذي استحقّته أيضًا الى الأبد !

وضع عندئذٍ الثالوث الأقدس تاجًا من المجد جميلًا جدًا وذا إشراقٍ جديدٍ الى درجة أنّها لن تحصل أبدًا على مثله بعد اليوم.
وخرج من العرش في اللّحظة ذاتها صوت يقول:
أنتِ معلّمة وملكة جميع المخلوقات. رُفِعتِ بالنعمة فوقها جميعًا، فتنازلتِ بحبّك دون الجميع. فاشغلي الآن إذًا المنصب الرفيع الذي يحقّ لكِ . ومن علوِّ عرشكِ أملكي على الخليقة وعلى جهنّم وعلى الأرض والسماء ! فليخضع لكِ الشياطين والبشر والملائكة. نَهِبُكِ سلطتنا الإلهية (السلطة وليس الطبيعة الإلهيّة)

ستصبحين العون والتعزية والمحامية والأم لجميع الصالحين كما أنتِ للكنيسة المجاهدة. ومن أجل ذلك سنُقيمكِ من جديد خازنة وموّزعة لخيراتنا. كل ما هو لنا هو في يدك ! كما كنتِ دومًا خاصّتنا.

 

الرسالة الأخيرة التي أعطتها العذراء للطوباوية ماريا داغريدا، كخلاصةٍ عن انتقالها الى السماء بالنفس والجسد:

يا ابنتي، لو كان مُمكنًا أن تحصُل لي متاعبًا في السماء، لكنتُ تألّمت جدًا لمشهد هلاك الكثير من النفوس !
فبقدر ما تمرّ الأجيال بسرعة بقدر ما يرتبكُ أولاد الكنيسة بفخاخ الشيطان، ويستسلمون لكبرياء الحياة وملاذ الجسد اللحميّة، فيحكمون على نفوسهم بالهلاك إلى الأبد بالرغم من النعم الغزيرة والمتعدّدة الأنواع.
كان بإمكانهم أن يعتبروا أنفسهم سعداء بالوصول الى نهاية حياتهم بموتٍ طبيعي نظير الحيوانات ! ولكن لا، إنّها الجحيم، الجحيم الأبديّة ستبتلعهم. يا له من جُرمٍ سخيف يزّجون أنفسهم فيه ! ولو أنّ البشر لم يجعلوا أنفسهم غير أهلٍ لذلك لصرختُ بهم:
“أيّها المائتون المختلّون بما تفكّرون ؟ هل تعلمون ما هي رؤية الله وجهًا لوجه ومشاركة رفقته على الدوام والسُّكنى معه بمجده ؟ أين تجدون بديلًا لهذه السعادة اللامتناهية؟  لن تجدوا أحدًا سواه قد يُسحِر ويقولِب عقلكم ! إفقهوا (أدركوا) جيّدًا إن العمل قصير ولكن السعادة أو التعاسة فهي أبديّة !!! “

إنّ حياتي كانت مليئة على الدوام بالآلام ، ولكن عندما وصلت الى الثواب ظهرت لي كأنها لا شيء ! وقد نسيتها كما لو كنتُ لم أكابدها أبدًا. فانظري إذًا الى تجاربكِ كأنّها خفيفة الى درجةٍ أن لا يظهر شيءٌ صعبٌ بالنسبة لكِ حتّى لو كان عليكِ أن تمرّي بالسيف والنار ! السماء جميلةٌ للغاية ! ولو كان بإمكان القديسين العودة الى الأرض حتّى يستحقّوا درجة أكبر من السعادة لكانوا تحمّلوا بفرح حتى يوم الدينونة آلامًا كثيرة وشديدة لا يمكن تصوّرها.

ومع ذلك فهناك أناسٌ على الأرض يقولون:” لنَتيقّن (لنتأكّد) فقط من أمرِ خلاصنا، فالكثير أو القليل من المجد لا يهُمّنا “
لا يوجد تفسيرٌ لهذا المنطق سوى جنونٌ فظيعٌ ونقصانٌ كبيرٌ لحبّهم لله !!!! ولا يوجد في هذه الإستعدادات السّيئة سوى خطر الهلاك !
ولكن لن يكون هكذا إذا التجأوا الى شفاعتي. لأنّ العليّ قد أقامني أمًا ومحامية ومدافعة عن جميع الأنام (البشر)
إنّ صلاحي يفوق خبثهم ! ويفوق عدل الله ويفتح أبواب مراحمه، ويُدخل الى رحاب صداقته .

تابعونا على الفيسبوك: قلب مريم المتألم الطاهر

10509613_656184954476471_197786145256822204_n

You may also like...

Powered by Calculate Your BMI