إنتصار قلب مريم الطاهر على الشيطان (القديس لويس ماري دو منفور)

مُقتطفات من كتاب “الإكرام الحقيقي لمريم العذراء”
للقديس المريمي الكبير لويس-ماري غرينون دو منفور

قلب مريم المتألم الطاهر

إنّ الله القدّوس أراد أن يُظهِرَ مريم تُحفة عمل يديه، في هذه الأزمنة الأخيرة … فخلاص العالم ابتدأ بمريم، وبمريم يجب أن يستمرّ حتّى النهاية ! إنّ مريم في المجيء الأوّل لابنها يسوع المسيح، لم تَظهر إلًا بخفرٍ (بشكلٍ بسيط)، حتّى لا يبتعد الناس قليلو المَعرفة بابنها، عن الحقيقة، بتعلّقهم بِها؛ الأمر الذي كان مُمكن الحدوث، بسبب الحُسن والجاذبيّة التي زانها بها العليّ (…) “صنع بها الله العظائم” (لوقا 1: 49) أمّا في مجيء يسوع الثاني، فيجب أن تُعرف العذراء ماليًّا، وسيُظهرها الروح القدس ليُعرف يسوع بواسطتها فيكون محبوبًا أكثر (…) وبما أنّ مريم هي الفَجر الذي يَسبق بُزوغ شمس البرّ :يسوع المسيح، {حسب القديس برناردوس؛ معلّم الكنيسة}، فيجب إذًا أن تُعرف وتُعلَن، ليُعرف يسوع المسيح ويُعلن ! بما أنّ مريم هي الوسيلة الأكيدة والطريق المُستقيم لنذهب الى يسوع المسيح، لذلك على النفوس القدّيسة أن تجدَه بواسطتها، لأنّ الذي يجد مريم يجد الحياة، أي يسوع المسيح (الطريق والحق والحياة) إذا كنّا لا نفتّش عن مريم، فلن نجدَها !!
وإذا كنّا لا نعرفها فلا يُمكن أن نبحث عنها، لأنّه لا نفتّش ولا نرغب في أمرٍ نجهله. لذلك، يجب أن تُعرف مريم أكثر من أي زمنٍ مضى، لأجل معرفة الثالوث الأقدس وتمجيده. على مريم في هذه الأزمنة الأخيرة، أن تسطع أكثر من أي وقتٍ رحمةً وقوّةً ونعمةً !!

1- رحمةً؛ لتردّ الخطأة وتقبل بعطفٍ التائبين والمساكين العائدين الى الكنيسة الكاثوليكيّة
2- قوّةً؛ ضدّ جميع أعداء الله ذوي القلوب المُتحجّرة، الّذين سيتحرّكون بعنفٍ ليُغروا ويضلّوا مَن يخالفهم، وذلك بالوعد والوعيد
3- بالنعمة؛ لتٌشجّع وتَسنُد جنود يسوع البواسل وخدّامه الأمناء وأبناء مريم الحقيقيّن الذين يُصعب عليهم إخضاعهم

 

1978731_778846872210278_455407456394472344_n2

على مريم أخيرًا أن تُرعب إبليس وخدّامه “كصفوقٍ تحت الرّايات” (نشيد 6: 3) لا سيّما في هذه الأزمنة الأخيرة، لأنّ إبليس الذي يعرف أن ما تبقّى له من الوقت قصير ! “لعلمه بأن له زمانًا قصيرًا” (رؤ 12:12) ليُهلِك النفوس. فهو سيضاعف جهوده ومعاركه كلّ يوم. ويشنّ الإضطهادات الشرسة، وينصُب أشراكًا رهيبةً أمام الخدّام الأمناء وأبناء مريم الحقيقيّين، الذين يُصعب عليه إخضاعهم !
إنّ إضطهادات الشيطان الرهيبة لنا، والتي ستزداد يومًا بعد يوم الى مجيء الدجّال، يجب أن تُفهم على ضوء لعنة الله للحيّة في الفردوس (سفر التكوين 3-15) عندما قال لها: “سأجعل عداوةً بينك وبين المرأة، وبين نسلكِ ونسلها، هي تسحق رأسكِ وانتِ ترصدين عقبها” إن الله لم يجعل إلّا عداوةً واحدةً تدوم وتزداد حتّى النهاية وغير قابلة للمصالحة ! هذه العداوة قامت بين مريم أمّه المباركة وإبليس، وبين أبناء العذراء القديسة وأتباع لوسيفوروس، بنوعٍ أنّ العدو الألدّ لإبليس هي مريم !
ووضع الله في قلبها الطاهر منذ بدايات الفردوس الأرضي، بُغضًا لعدوّ الله هذا الملعون، وأعطاها قوّةً جبّارةً لتتغلّب على هذا المُتكبّر اللّعين وتسحق رأسه. لذلك أصبح إبليس لا يخافها أكثر مِن الملائكة فحسب، بل أكثر مِن الله ذاته، إذا صحّ التعبير، وذلك ليس لأنّ قوّة الله لا تفوق بنوعٍ غير متناهٍ قوّة العذراء بل:

أولًا: لأنّ إبليس الشديد الكبرياء، يُذلّ ويتمَرمر، عندما تتغلّب عليه أمةٌ لله صغيرةٌ ومتواضعة
ثانيًا: لأنّ الله أعطى مريم قدرةً ضد الشياطين وأعطى فعاليّة لصلواتها وطلباتها أكثر من صلوات القديسين جميعًا. فإنّ تهديدًا واحدًا من تَهديداتها لإبليس، تخيفه أكثر من كلّ عذاباته الأخرى.
إنّ الذي خسره إبليس بكبريائه، رَبحته مريم بتواضعها، والذي خسرته حوّاء بعصيانها، خلّصته مريم بطاعتها. فحوّاء بطاعتها للحيّة أهلكت ذاتها وجميع وجميع أبنائها. أمّا العذراء فبأمانتها المطلقة لله، خلّصت كل أبنائها وخدّامها، مكرّسةً إيّاهم لجلاله اللّامتناهي.

10857962_745128892248743_8514256563713057774_n

  لم يجعل الله عداوةً بين مريم وابليس فقط، بل أيضًا بين نسلها وبين إبليس وزبانيته، بحيث أن الله جعل نفورًا وحقدًا سريًّا لا يُطاق بين أبناء العذراء وأولادها بالروح، وبين إبليس وأتباعه وعبيده. فلا علاقة محبّة تربط فيما بينهم ولا انسجامٌ باطنيّ. إذ أنّ أبناء “بليغال” أي عبيد إبليس ومُحبّي العالم، قد اضطهدوا دومًا الذين انتموا الى مريم، مثلما اضطهد قايين وعيسو سابقًا هابيل ويعقوب أخويهما (العهد القديم).

إنّ مريم المتواضعة سوف تنتصر دائمًا انتصارًا عجيبًا ساحقًا على ابليس المتكبّر، وسوف تسحق رأسه مصدر كبريائه، وسوف تكشف عَن خبثه وخداعه الجهنّمي وإغراءاته الشيطانيّة، وتنجّي أبناءها الأمينين مِن عبوديّته القاسية مدى الأجيال !!

إن قوّة مريم ضدّ الأبالسة ستسطع بنوعٍ خاص في الأزمنة الأخيرة (أزمنتنا اليوم)، عندما يروح الشيطان ينصب شراكه أمام عقبها؛ أي أمام أبنائها المتواضعين، الذين تدافع عنهم وتقيهم شرّ إبليس. وبالرغم من كونهم صغارًا ومُحتقرين وفُقراء بنظر العالم … إلّا أنهم يكونون أغنياء بنعم الله التي توزّعها عليهم مريم بسخاءٍ وجودٍ، وسوف يكونون مُتسامين في القداسة أمام الله، ومتفوّقين على جميع الخلق بغيرتهم الحارّة، ومُصانين بقوّة العون الإلهي. وبالرغم من تواضعهم العميق، وبفضل اتّحادهم بمريم وطاعتهم لها، سيسحقون رأس ابليس المتكبّر، وسينتصر يسوع فيهم.
أخيرًا إن الله يُريد أن تَكون أمّه القديسة مَعروفة ومحبوبة ومُكرّمة حاليًا أكثر ممّا كانت عليه، وهذا سيحصل حتمًا، إذا مارس المنتخبون، بنعمة الروح القدس وأنواره، الإكرام الكامل والباطني نحوها ! سيرون بوضوحٍ بعين الإيمان نجمة البحر الجميلة هذه، وسيصلون الى الشاطىء الأمين بالرغم من العواصف والقراصنة وذلك بالتقيّد بتوجيهاتها. وسوف يعرفون عظائم هذه الملكة، فيُكرّسون ذواتهم بكليّتها لخدمتها كرعايا وعبيد محبّتها !
وسوف يتذوّقون عذوبتها وجُودَتها الوالديّة، فيحبّونها محبّة البنين المُحبّين. وسوف يعرفون مراحمها ونعمها الغزيرة ويشعرون بعونها فيلجأون إليها في كلّ أمرٍ ! لجوءهم الى مُحاميتهم وشفيعتهم لدى يسوع. كما يتأكّدون أنّها الواسطة الآمن والأقصر والأكمل للذهاب الى يسوع، فيسلّمونها ذواتهم كلّها لها وليسوع، نفسًا وجسدًا، دون تجزئة !

قالت مريم: في النهاية قلبي سينتصر

تابعونا على الفيسبوك
قلب مريم المتألم الطاهر10509613_656184954476471_197786145256822204_n

صلّوا أيضًا:
صلاة تكريس الذات لمريم العذراء
(للقديس لويس-ماري غرينيون)

You may also like...

1 Response

  1. آمين …أمنا الحبيبة القديسة نسجد لكي يا أم النور ولك السلام في السماء وعلى الارض طالبين ان لا تتركي امواتنا ولا احيائنا ولنمجد امسك يا عذراء امنا السماوية ولنمجد ابنك سيدنا يسوع المسيح المخلص الي الابد الابدين وبك يا عذراء نستعين ونسجد امامك وامام سيدنا يسوع طالبين أن تبعدي الشر والاشرار عنا و عن نفوسنا ويزداد أيماننا بالاب والابن والروح القدس وأم الله ولا تتركينا أبداً وأن تصلي وتضرعي لاجلنا ولاجل امواتنا لكي تكون نفس أمي ونفس أختي ونفس والدي ونفس آنا سانتورو و نفس جوفاني و مينو ديبرناردو في السماء و الفردوس طالبين ان تصلي لاجلنا ونحن الخطاء الان وفي ساعة موتنا آمين ❤
    الله يرحمك يا أمي نونسيا ديبرناردو غصن وآنا سانتورو و مينو و جيوفاني ديبرناردو
    و ماري غصن وجوزف غصن
    سيدنا يسوع ❤ أمنا سيدة العذراء أم الله ❤ السلام لكم

Leave a Reply to روزاريو غصن Cancel reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Powered by Calculate Your BMI